وارد الان .. رواية دموع مؤجلة واحتضان أخير الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم شمس حسين _ زوايا سبورت
![](https://zawayan.com/wp-content/uploads/2025/01/3020155555شيبيلثصلقلفقثثثث-780x470.jpg)
من خلال موقع زوايا سبورت تستعرض معكم في هذا المقال ،رواية دموع مؤجلة واحتضان أخير الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم شمس حسين ، لمزيد من التفاصيل حول المقال تابع القراءة
رواية دموع مؤجلة وعناق أخير الفصل الواحد والعشرون 21 للكاتب شمس حسين
رواية دموع مؤجلة وحضن أخير الجزء الحادي والعشرون
رواية دموع مؤجلة وحضن أخير الجزء الحادي والعشرون
رواية دموع مؤجلة وحضن أخير الحلقة الحادية والعشرون
احمد نجم
في اليوم الأول الذي رأيتها فيه، كانت بداية طبيعية، يومًا مليئًا بالتوتر كالعادة. شعرت أن عقلي لا يستطيع أن يهدأ، فقررت أن أهرب إلى الكورنيش. لقد كان هذا المكان دائمًا مصدر راحة غريب بالنسبة لي، وكأن النيل يأخذ همومك ويدفنها في أمواجه. جلست في الجزء الهادئ الذي اعتدت عليه. لقد أحضر لي هو وعمه محمد، الرجل الذي يبيع الشاي هناك، كوبًا من الشاي الذي أحبه. بدأت الشرب وحاولت أن أهدأ. ولكن فجأة وقعت عيني عليها.
كانت قادمة من بعيد، تمشي بخطوات هادئة، وكأنها تحمل شيئاً ثقيلاً جداً على كتفيها. جلست على كرسي على مسافة قليلة من مكاني، وكانت صامتة تمامًا. كانت ملامحها جامدة بشكل غريب كتمثال مصنوع من الحزن، وكانت مشاعرها واضحة دون أي شيء. تتحرك، رأت حافلة أمامها، وكأنها تحاول الهروب من شيء ما، وفجأة… بدأت الدموع تتساقط.
هذه ليست دموع عادية، لا، هذه دموع صامتة، تتساقط بهدوء وكأنها تحكي قصة طويلة. كانت تحاول أن تمسحهم وتمنع دموعها، لكن عيناها كانتا متمردتين والدموع تتزايد. أردت أن أسألها: “ما بك؟” لكنني لم أعرف كيف أتحرك. شعرت أن سؤالي قد يكون عبئا جديدا عليها. بقيت في مكاني أراقبها، وأشعر بكل شهيق خانق كانت تحاول قمعه. وبعد فترة جاءها عم محمد وقدم لها كوب الشاي باللبن ومداعبه ونظرت إليه وابتسمت… كانت ابتسامة صغيرة. جدا، ولكن ممتنة جدا. شربت الشاي، وجلست لفترة، ثم قامت ومشت. ومنذ تلك اللحظة، أصبحت سرّي الغريب، كل أسبوع. كنت ذاهباً إلى نفس المكان وفي نفس الوقت، وكأني على يقين أنني سأجدها، وفي الحقيقة كانت تأتي كثيراً، وفي كل مرة كنت أراها على نفس الحالة.. كانت ملامحها جامدة، لكن مليئة بالحزن.
لكن في إحدى المرات اختفت… غابت لأشهر. كلما ذهبت ونظرت وجدت مكانها خاليا، وهذا الغياب جعلني أشعر أن هناك شيئا مفقودا، وكأن المكان نفسه فقد روحه. لكني واصلت المضي على أمل أن تأتي مرة أخرى حتى أطمئن أنها هناك، إلى أن جاء يوم وأنا جالس. في مكاني المعتاد، فجأة وجدتها قادمة، وفرحت بشكل غريب، وكأنني أنتظرها منذ سنوات، لكن هذه المرة كانت مختلفة، ملامحها لم تكن متجمدة كما كانت. في البداية، كانت تجلس على متن حافلة متجهة إلى البحر. كانت هادئة، ليست سعيدة ولا حزينة، لكن هدوءها كان مختلفاً. وفجأة نهضت بسرعة وبدأت في الركض. استغربت وفضلت أتبعها بعيني. كانت تسير نحو رجل يبيع حلوى القطن. وبمجرد وصولها وقفت أمامه. ابتسمت كما لو كانت فتاة صغيرة. اشترت حلوى القطن ورجعت وبدأت تأكل منها، وكانت الابتسامة مالية وغريبة، ولم أستطع أن أرفع عيني عنها. أحاول أن أفهم… من هذه الفتاة؟ لماذا كل شيء مميز بهذه الطريقة؟
وبعد فترة مشيت وقررت أتبعها من بعيد. أردت أن أعرف المزيد عنها. وجدتها تدخل مبنى على الكورنيش. لقد فوجئت وظللت أنتظر لأرى إلى أين ستذهب. وجدتها تدخل عيادة نفسية. وبعد فترة قررت الدخول لأرى الوضع بنفسي. وكانت الفكرة أن هذه العيادة كانت له. أشرف، ابن عمي، جعل الوضع أسهل بالنسبة لي. فقلت أدخل بحجة أنني سأسلم عليه بما أنني معدي. دخلت وكانت تجلس في الزاوية البعيدة. أحاطت بها حافلة بتوتر واضح، وكانت تنظر بين الحين والآخر إلى الباب، وكأنها غير مرتاحة. وعندما جاء دورها منعتها السكرتيرة من الدخول حتى أتمكن من الدخول. وقتها سمعت صوتها لأول مرة. كان صوتها مزيجا من العصبية والخوف. اقتربت منها وطلبت من السكرتيرة أن تسمح لها بالدخول، فدخلت بالفعل. وبعد أن غادرت، دخلت لرؤية أشرف، وجلست معه. حاولت أن أسأله عن الأمر بطريقة غير مباشرة، لكنه كان حاسما للغاية وقال إنه شرط ولا يستطيع التحدث عنه.
ومن يومها أصبحت فكرة لا تفارقني. كنت أذهب إلى الكورنيش في كل مرة، أنتظر رؤيتها، وأنتظر أن أفهم عنها المزيد، وفي كل مرة كنت أقول لنفسي: «ربما في المرة القادمة أستطيع التحدث معها»، ومضى شهر تقريبًا دون أن أراها مرة أخرى. بدأت أقنع نفسي أن ما حدث هو مجرد صدفة، ولن يظهر في حياتي مرة أخرى، ولكن العالم دائمًا به مفاجآته. في أحد الأيام كان لدينا اجتماع كبير في الشركة، في ذلك اليوم كنا نعقد… كانت هناك مشاريع في مختلف الفروع. لقد كان يومًا طويلًا ومملًا، وكان المستوى سيئًا بشكل غير طبيعي. قررت أن أخرج وأشم بعض الهواء خارج القاعة، وبينما كنت واقفة أحاول أن أهدأ، وجدتها…. هي…. كانت تجلس مع شخص كان من الواضح أنه زميل لها. كانا يتحدثان، وكان هناك قلق على ملامحهما. لا أعرف كيف، لكن قلبي بدأ ينبض بسرعة. سألت مساعدتي عنهم من بعيد، وعلمت أنها مهندسة من أحد فروع الشركة، وأنها قادمة لتقدم المشروع بدلاً من مديرها. ظللت أراقبها وهي جالسة، ملامحها كان بها نفس الهدوء الذي رأيته في المرة الأولى، لكن في نفس الوقت شعرت بثقة مختلفة، عندما جاءت السكرتيرة لتبلغهم أنهم لن يتمكنوا من الدخول لأننا تأخرت عن الموعد، وأحسست بألم غريب في ملامحها. وقتها تدخلت على الفور وأقنعت بقية أعضاء مجلس الإدارة بضرورة السماح لهم بعرض مشروعهم، خاصة أن المشاريع التي شاهدناها طوال اليوم كانت مخيبة للآمال للغاية. اقتنعوا وقرروا أن يعطوهم فرصة، وبعد أن دخلت وقبل أن يبدأوا دخلت. وفي غرفة الاجتماعات كانت تنظر إلي بنظرات الدهشة، وكأنها تحاول أن تتذكرني، أو ربما تذكرتني بالفعل وتفاجأت بوجودي.
ثم بدأت بتقديم مشروعها، وأذهلتنا جميعاً. صوتها كان واثقاً، وشرحها منظم، والتصاميم التي قدمتها كانت عبقرية. لقد كانوا مختلفين تمامًا عن أي شخص رأيته من قبل. وعندما انتهت من عرضها، كان القرار بالإجماع أن مشروعها هو الأفضل وأنها تستحق فرصة التواجد في الفرع الرئيسي. لم أصدق فرحتي، وظللت أسأل نفسي: لماذا؟ لماذا شعرت بالفخر كما لو كان هذا شيئًا خاصًا بي؟ ربما لأنني رأيتها في أضعف حالاتها، والآن أراها في أقوى صورها الممكنة؟ أو ربما… لأن جزءاً مني ظل متعلقاً بها دون أن أعلم؟
المهم يومها ذهبت واقتنعت بشيء واحد.. كنت بحاجة إلى معرفة قصتها.
وبعد يومين… كنت أنتظر هذا اليوم بفارغ الصبر. كانت قادمة إلى الشركة اليوم لمقابلة عمي أيمن، والاستماع إلى عرضه بأن تعمل في الفرع الرئيسي. كنت متشوقة لرؤيتها أمام عيني هنا، في مكاني، ومشاهدتها وهي تخطو خطوة جديدة في حياتها، أول مرة رأيتها تدخل. صحبة، أحسست بنبضات قلبي تتزايد، كانت تمشي بخطوات هادئة وواثقة، لكن لا تخلو من التوتر، حركة يديها وهي تعدل حقيبتها، نظرات سريعة حولها، هذه التفاصيل الصغيرة، كانت تكفيني للجلوس و راقبهم من بعيد، وكأن الزمن توقف للحظات. ثم دخلت مكتب عمي، وفضلت الانتظار في مكتبي. لم أتمكن من التركيز على أي شيء. أردت أن أعرف رد فعلها، وبعد فترة رأيتها تغادر مكانه. كانت تنظر حولها بطريقة واضحة أنها كانت تبحث عن شخص ما. في تلك اللحظة، شعرت بشيء بداخلي يخبرني أنها كانت تنظر إلي. كنت متأكدًا من أنني لا أعرف السبب، لكن الابتسامة التي رسمتها على وجهها كانت لا إرادية.
وبعد أن ابتعدت قررت أن أذهب إلى عمي لأسمع منه ما حدث. وعندما دخلت مكتبه استقبلني بابتسامة، ثم حكى لي ما حدث في المقابلة. وقال إنها لم توافق على الوظيفة منذ فترة طويلة، وطلبت مهلة لتستأذن والدتها ومدير فرعها وزملائها. هذه هي الطريقة التي يتحدث بها عمي عن ذلك. وزادت إعجابي بها. قال لي:
“هذه الفتاة مختلفة. أرى أنها تتمتع بشخصية قوية ومسؤولة للغاية. إنها تعرف ما تريد وتفكر جيداً قبل الإقدام على أي خطوة”. هذه الكلمات كانت كافية لي لكي أحترمها أكثر، لكن الجملة التي قالها عمي بعد ذلك صدمتني فعلاً. قال: «سألتها عن أبيها فأجابت ببساطة». “إنه غير موجود.” كانت هذه الجملة ثقيلة. لا أعرف لماذا شعرت أنها تخفي وراءها جبالاً من الألم. وتابع عمي بحذر: “إنها تبدو وكأنها قصة حزينة خلفها. لا يمكن لأحد أن يقول جملة كهذه دون أن يرتدي شال خروف كبير. هذه الكلمات جعلتني أفكر فيها أكثر. أحسست أنها إنسانة غير عادية، وخلفها تفاصيل كثيرة لا يعرفها أحد.
وفي اليوم التالي، وبينما كنت داخل الشركة، رأيتها جالسة في الاستقبال. كان قلبي سعيدًا عندما شعرت أنها قررت أن تأتي وتعمل معنا. مررت من أمامها وسألت السكرتيرة عن عمي أيمن كحركة متعمدة. أردت أن أرى نظرة الدهشة في عينيها مرة أخرى، وكأنها تسأل نفسها: هو؟ هل هذا هو نفس الشخص الذي رأيته من قبل؟ ” ولما دخلت عليها وهي عند عمي كنت هفاجئها. في تلك اللحظة التقت أعيننا وكان هناك شيء بداخلها. غريب شكلها قال إنها تعرفني بس مش متأكدة وبعد ما خلصت يومي في الشركة وصلتني رسالة من أشرف وطلب مقابلتي في العيادة. ذهبت إليه وجلسنا نتحدث لبعض الوقت، وفجأة وأنا خارج من العيادة رأيتها، كانت هناك، كانت واقفة على باب العيادة. عندما التقت أعيننا، شعرت بالدهشة في ملامحها. وفي تلك اللحظة أكدت لي أنها تتذكرني.
كل ما حدث كان يتجمع في ذهني وكأنه قطع أحجية تكمل صورة كبيرة. كنت على يقين من أن هناك شيئًا خاصًا بيننا، بدأ منذ أول مرة رأيتها على الكورنيش، وما زال يكبر يومًا بعد يوم. كنت أعلم أن القصة لم تنتهي بعد. لم تكن مجرد شخص عابر. حياتي لا، شيء أكبر من ذلك بكثير، ودائماً أتذكر كل تفاصيلها: دموعها الأولى التي رأتها على الكورنيش، لحظة فرحتها بحلوى القطن، وهدوءها الغريب في العيادة، وشعورها الرائع. الثقة أثناء تقديم مشروعها، كل شيء فيها كان غامضًا، وكل تفاصيلها جذبتني أكثر. مازلت لا أعرف ما الذي يجمعني بها، أو ما الذي يجعلني أهتم بها بهذه الطريقة، لكن ما أنا متأكد منه هو أن حياتي كانت في حياتي منذ اللحظة التي رأيتها فيها. لم يكن هناك أي شيء عادي فيها، كما لو أنها وضعت علامة في طريقي، لافتة تقول: “هنا تبدأ القصة”.
وهو يتبع….
لقراءة الفصل التالي: اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على: (رواية دموع مؤجلة وعناق أخير)
في نهاية مقال رواية دموع مؤجلة واحتضان أخير الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم شمس حسين نختم معكم عبر زوايا سبورت